[size=16]نشرت
صحيفة الاهرام مقالا هاما بقلم الدكتور نادر نورالدين محمد المدرس بكلية
الزراعة جامعة القاهرة حول اهمية توجه مصر إلى الاستثمار في الطاقة
الشمسية وما يمكن ان تمثله منطقة الصحراء الغربية من ثروة هائلة لمصر
يتوقع ان تدر ما يقرب من 90 مليار دولار سنويا من عائدات تصدير الطاقة
الفائضة عن حاجة مصر لدول العالم اجمع.
وبعد ان نشر المقال في الطبعة الاولى من الصحيفة فوجئنا بسحبه من الطبعةعات التالية ونشر بدلا منه مقالا
آخرا
واليكم المقال
الصحراء الغربية مستودع للطاقة الشمسية والوقود - بقلم: د. نادر نورالدين محمد
تتعالى
الأصوات في الوقت الراهن للتبصير بأن تغيرات المناخ والاحترار العالمي
حقيقة واقعة وانه بدأ الاحساس بآثارها وأن الأمر تحول من مجرد تكهنات إلى
يقين.
الدول
المتقدمة بدأت في اتخاذ خطوات فعلية للتقليل من الانبعاثات الغازية
والدفيئة والتي يأتى 25% منها من توليد الكهرباء باستخدام الوقود الحفري
التقليدي (بترول وفحم وغاز) بالإضافة الى 41% أخرى من قطاعات الصناعة
والنقل والمباني السكنية والتجارية بسبب استخدامها لذات الوقود الحفري في
الإضاءة والتدفئة والأعمال اليومية.
ولا
يقتصر الأمر علي هذه الانبعاثات وأضرارها المستقبلية المتوقعة علي صحة
البشر ونقص إنتاج الغذاء وتلوث ونقص المياه العذبة بل إن التقرير الصادر
في نهاية شهر نوفمبر2009 من برنامج التنمية التابع للأمم
المتحدة(UNDP) أشار الى وجود 1.5 مليار شخص في العالم (أي ربع سكان
العالم) يعيشون في ظلام دامس ولا تصلهم أي إمدادات بالكهرباء وجميعهم في
دول قارتي افريقيا وآسيا وان هناك2 مليون حالة وفاة سنويا في الدول
الافريقية يموتون نتيجة للأدخنة المتصاعدة من استخدامهم للفحم والأخشاب في
الطهي.
كما
أن نصف أعداد الوفيات في الدول الافريقية لجنوب الصحراء ناتجة عن الأمراض
الصدرية وسرطان الرئة الناجمين عن استخدام الوقود البدائي نتيجة لعدم وجود
مصادر صحية للطاقة سواء من الكهرباء أو الطاقات النظيفة.
لذلك
بدأت الدول الكبرى في التحول الى الطاقة النظيفة والمتجددة حفاظا على حياة
البشر من التغيرات المناخية الناتجة عن حرق الوقود التقليدي واحتسابا ايضا
لقرب نضب هذا الوقود والنظر الى عصر ما بعد البترول والوقود الحفري.
ويعمل
الجميع الآن الى التحول الى الاقتصاد الأخضر GREEN ECONOMY أي استخدامات
الطاقات النظيفة في جميع المجالات سواء الطاقات المستخرجة من الرياح
والمياه وأشعة الشمس ثم الوقود الحيوي واضعين التزاما عالميا بالحد من
الانبعاثات الكربونية والغازية والحرارية بنسبة 80% عن مستواها في
عام1990 وذلك بحلول عام 2050.
وترى
المنظمات البيئية ان الطاقة الشمسية هي البديل العملي والنظيف والمستدام
للمفاعلات النووية التي تنتج الطاقة الكهربية ومؤيدين أيضا للعديد من
المنظمات المناهضة للتوسع في إنشاء المفاعلات النووية مثل منظمة السلام
الأخضر والتي استشهدت بحدوث أعطال جسيمة ومتكررة في مفاعل كرومل بألمانيا
خلال شهر يوليو 2009 وهو واحد من17 مفاعلا تمتلكها ألمانيا على الرغم
من أن ألمانيا هي الدولة الاوروبية الاولى التي تقرر رسميا ومنذ عام
2003 بتخليها عن الطاقة النووية بحلول عام 2021 بالإضافة الى حادث
التسرب الإشعاعي الشهير من مفاعل تشرنوبل عام 1986 والتي مازالت عواقبه
مستمرة حتى اليوم بالمقارنة بالطاقة الشمسية النظيفة والتي لاتطلق سموما
في الجو وتقلل من الانبعاثات الغازية بعشرات ملايين الأطنان سنويا.
لذلك
لم يكن بالغريب ان تتبني ألمانيا المشروع العالمي لتوليد الكهرباء من
الطاقة الشمسية لصحراء دول شمال إفريقيا خاصة الصحراء الغربية المصرية
وصحراء تونس والمغرب.
وتؤمن
الشركات الالمانية المعنية بتوليد الطاقة الشمسية من صحراء دول شمال
افريقيا بأن استغلال 90 الف كيلو متر فقط من هذه الصحراء في إنتاج
الطاقة الشمسية يمكن أن يولد كهرباء تكفي احتياجات كوكب الارض بأكمله.
ويرى
الألمان ايضا ان العائدات السنوية التي يمكن أن تجنيها دول شمال افريقيا
المشاركة في مشروع توليدالطاقة الشمسية من صحاريها المهملة يمكن أن تتجاوز
90 مليار دولار سنويا كعائد مباشر إضافة الي عائدها من تقليل الانبعاثات
الكربونية والتي يمكن ان تدر ايضا دخلا كبيرا إضافيا بسعر يتراوح بين 10
و 20 دولارا لكل طن ثاني أكسيد الكربون يتم توفيره من تقليص الاعتماد
على الوقود البترولي في توليد الكهرباء وبالإضافة أيضا الى ما يمكن أن
تتلقاه هذه الدول من مساعدات كبيرة للنهوض ببنيتها التحتية الاساسية خاصة
في المرحلة الاولى للمشروع حتى يمكنها البدء في إنجاز محطات التوليد
الشمسية والبنية التحتية اللازمة لنقل الكهرباء المتولدة من الصحراء إلى
الدول المستفيدة في شمال إفريقيا أو عبر المتوسط.
ويشير
تقرير البنك الدولي للتنمية في العالم للعام القادم 2010 إلى أن ارتفاع
الطلب على إنشاء محطات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أدى إلى هبوط تكلفة
الخلايا الضوئية نتيجة لإنتاجها على نطاق تجاري واسع حيث انخفض سعر
الخلية الكهروضوئية من 25.3 دولار عام 1979 الى 3.5 دولار عام 2001 ثم
الى نصف هذا الرقم حاليا وذلك نتيجة الأبحاث والابتكارات والتطوير وخفض
اسعار السليكون وكميته المستخدمة في تصنيع الخلية وانخفاض معدلات أخطاء
التصنيع وكمية الهالك.
[size=16]وتمثل
الصحراء الغربية المصرية - التي تشغل 68.1% من مساحة مصر - كنزا كبيرا
لمصر حان أوان اكتشافه ففي حين لا تبدي وزارة الكهرباء والطاقة اهتماما
كبيرا بجدوى توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والاستغلال الاقتصادي
للصحراء الغربية حتى الآن رغم الاجتماع العالمي عليها سواء لجدواها
الاقتصادية او تأثيرها على المناخ والبيئة نجد أن وزارة الاستثمار تبدي
اهتماما أكبر بأهميتها وجدوى الاستثمار المكثف فيها وفي كامل الصحراء
الغربية المصرية سواء بإمكانيه استثمار زراعات الوقود الحيوي في مساحة 1.5
مليون فدان من الأراضي والمياه الهامشية غير المستغلة في منطقة الواحات
لإنتاج الوقود السائل البديل للبنزين والسولار وإنشاء العديد من مصانع
تكريره هناك على نمط مصنع السويس للوقود الحيوي أو بتنفيذ مشروع الطاقة
الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية التي تحتاجها مصر وبدأنا نعاني من عجز
فيها خاصة خلال ساعات ذروة الاستهلاك في فصل الصيف ومعها أيضا توفير
احتياجات دول شمال إفريقيا ووسط اوروبا بما سيخلق تنمية كبيرة لهذه
المساحة غير المقدرة من الوطن ويعيد توزيع السكان ويخلق الملايين من فرص
العمل ويدر عائدا اقتصاديا كبيرا للدولة ويجعل من مصر مصدرا ومركزا كبيرا
للطاقة الكهربية في العالم والدول العربية والافريقية ويخرجنا من مناقشات
وأخطار إنشاء المفاعلات النووية علي الاراضي المصرية وأماكن دفن
نفاياتها.